الجمهور.. طرق مخاطبته وأنواعه.

image

الجمهور.. طرق مخاطبته وأنواعه.

من التسطيح المخل اعتبار أن الجمهور كله يندرج تحت تصنيف معين وكأنه قالب جامد لتتم مخاطبته بذات الأساليب، ومن غير الحكمة التغاضي عن المشتركات الخاصة بين فئات معينة تندرج تحت تصنيف أو أكثر مثل: التصنيف بالعمر، أو الثقافة، أو قيم المجتمع، أو الصفات والمشتركات المحلية، أو الحالة الاقتصادية سواء الشخصية أو العامة. وفي حال نظرنا الى نوعية الجمهور من ناحية قبول الرسالة والتفاعل الإيجابي معها، نجد أنه من المعروف أن التأثير هو عملية تتعلق بمدى إمكانية قبول الرسالة الإعلامية من المتلقين، حيث يتأثر ذلك القبول بعوامل مساعدة مثل: من الذي يطرح هذه الرسالة؟، وكيف يطرحها وبأي أسلوب، إضافةً إلى التوقيت العرض ومدى جاذبية الرسالة؛ وقد كانت هناك نظريات سابقة تتحدث عن أن الإعلام له تأثير سحري على المتلقي بمجرد محاولة الإقناع، وهي ما عرفت بـ "نظرية الطلقة السحرية" أو "الحقنة تحت الجلد". وهذا هوما يدرك الأكاديميون والباحثون اليوم أنه إسرافاً في التفاؤل والتنظير؛ لأن المتلقي يتأثر بعوامل مختلفة مثل: التنشئة الاجتماعية والثقافية والدينية، وعوامل ذاتية، وأخرى انتقائية قد تجعله في النهاية يستجيب أو يرفض أو يتشكك في الرسالة الإعلامية، وانطلاقاً من هذه النقاط، قام علماء الاتصال بوضع مبادئ تتناول صفات معينة بقبول الجمهور للرسالة فقد صنف "دينيس هويت" جمهور المتلقين إلى نوعين رئيسيين هما: أولاً: الجمهور العنيد: وهو الجمهور الذي لا يستسلم بشكلٍ كامل لوسائل الإعلام التي تسعى إلى تغيير آراء ومواقف واتجاهات الجمهور والسيطرة عليه، وذلك أن الرؤية هنا تفترض أن وسائل الإعلام ليس لها قوة إقناعية كبيرة لتغيير عقول الناس بسبب عوامل الانتقائية ""Selectivity التي تؤثر على فعالية وسائل الاتصال وتتمثل في: التعرض الانتقائي، والإدراك الانتقائي، والتذكر الانتقائي، ومع ذلك فإن الإقناع العقلي ومصداقية مرسل الرسالة يؤثران نوعاً ما في قبولهم. ثانياً: الجمهور الحساس: يرى " هويت " أن وسائل الإعلام لا تؤثر في كل فرد، وإنما هناك بعض الأفراد الذين يتأثرون بوسائل الإعلام أكثر من غيرهم، وهذا ليس نابعاً من خصائصهم الشخصية إذ إنه لا توجد دلائل قوية تؤكد الفكرة بأن بعض الأشخاص أكثر إقناعاً من غيرهم بالرسائل الإعلامية، ولكن الأمر يتعلق بوجود أفراد أكثر حساسية من غيرهم، يفترض فيهم أن يكونوا بحاجة أكثر إلى الحماية مثل الأطفال والمراهقين والشباب والنساء وكبار السن، وهذا النوع من الجمهور هو الذي يطلق عليه "هويت " "الجمهور الحساس" الذي يصلح معه الخطاب العاطفي. ويرى " صالح أبو إصبع " أنه يمكن إضافة نوع ثالث من الجمهور وهو ما يطلق عليه "الجمهور اللامبالي" وهو الجمهور الذي لا يقف موقف الرفض أو القبول، بل يتعامل مع الرسائل الإعلامية بإهمال تام ولا مبالاة، غير معنى بالرسالة على عكس الجمهور العنيد الذي يهمه الرسالة، ولكنه لا يستجيب لها، والأساس أن هذا الجمهور يلفت نظره الطرح المبتكر المختلف والأداء المبهر. فليراعي فريق العمل تلك النوعيات، وإن لم يتحدد لهم ذلك، فالتنويع والتوازن هو الحل الأمثل، وفي كل الأحوال، يظل التحدي الأكبر هو "الإبداع في الطرح وتنويع الاستمالات بين العاطفية والعقلية"، إلى جانب الاعتماد على الحقائق دون مبالغة أو تهوين، الأمر الذي يتطلب دقة ومثابرة وتجديد، مع تنويع التناول بجاذبية واستخدام أدوات وإمكانات الوسائل بحرفية. |