المدونة

image
القطاع الإجتماعي, 09-10-2021

أخلاقيات الصورة في توثيق العمل الخيري والإغاثي

يُعد العمل الخيري التطوعي شريكاً استراتيجياً للقطاع الحكومي والقطاع التجاري الربحي، لذا أطلق عليه المتخصّصّون "القطاع الثالث"، كونه يسهم في التوازن الاجتماعي مع القطاعين: الأول والثاني من خلال مؤسسات المجتمع المدني والأهلي، التي تُمـثّــل للهيئات الخيرية التطوعية مكـّونـاً حيوياً، ورافداً أساسياً في الشراكة الاجتماعية لبُنيِة المجتمع المدني. وعند توثيق المعونات الإغاثية والإنسانية وكيفية استلامها من المحتاجين والمستحقين، تُعرف هذه العملية اصطلاحاً بـ "أخلاقيات الصورة"، وفيها تكمن أهمية تحلي الأشخاص القائمين على هذه العملية بأخلاقيات الحفاظ على شعور الأفراد الأضعف وإضفاء جو من الود واللباقة عند تسليم المساعدات، لإنجاح أي علاقة إنسانية تقوم على تقديم المعونات. (أ . هـ من مقال للدكتور منصور القطري في موقعه بتصرف يسير) فصناعة الصورة والرسالة الإعلامية الجيدة التي تخدم توجه الجمعيات الخيرية لا تستوجب تجاهل خصوصية المستفيدين بعرض صُوَرهم في المنشورات والأخبار دون مراعاة مشاعرهم، ومراعاة الذائقة الاجتماعية التي يمرون بها، ودون مراعاة الضوابط الأخلاقية تحت "دعوى التوثيق"، خصوصاً في ظل الانفتاح المعلوماتي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وأهمية توظيف الصورة والخبر. " أ. هـ من مقال للأستاذ : السيد الشامي في موقع إسلاميات" وعند مراقبة المشهد الإعلامي بشكل عام أو مطالعة الأخبار الصحفية، نجد في الكثير من الأحيان تجاوزات لبعض المنشآت والهيئات العاملة لاتتناسب مع "أخلاقيات الصورة"، ومن هذه التجاوزات: إظهار المنّة في العطاء، وتصوير المستفيدين أثناء استلامهم للإعانات بشكل مهيّن، وإجراء اللقاءات مع المحتاجين أو ذويهم بصورة تحمل في طياتها الامتنان والامتهان ولا تتناسب مع " أخلاقيات الصورة "، مع التسليم التام بحسن المقصد وهو مجرد التوثيق. |لذا رسم الشرع الحكيم ملامح لأدبيات العطاء؛ وذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءًۭ وَلَا شُكُورًا - سورة الإنسان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء خرج من هذه الآية" [الفتاوى (11/111) بتصرف يسير]، وقال أيضا: "ومن طلب من العباد العِوض ثناءً أو دعاءً أو غير ذلك لم يكن محسناً إليهم لله" (الفتاوى) 1/ 54. وقد أشارت الآيات القرآنية في مواضعَ شتى إلى تأصيل مفهوم إنساني نبيل وهو "ضمان كرامة المحتاج" من قِبل الباذلين، تأمّل قوله تعالى: فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [9-10 سورة الضحى - وأقرأ قوله تعالى: كلا بل لا تكرمون اليتيم – سورة الفجر. وهذا المعنى ورد في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ [262-263 سورة البقرة وهذا هو مفترق الطرق بين الهيئات الإغاثية الإسلامية والمنظمات الغربية -باعتبار أن الهيئات الإسلامية تنطلق من ثوابت شرعية وأسُس إنسانية نبيلة ورسالةٍ سامية، تـنُبع من مبدأ التكافل الاجتماعي، الذي وضحه الشارع الحكيم في قوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ - سورة الحجرات - خلافاً لمنظمات العون الغربية الرسمية والتي تعتمد في غالبها على مبدأ المقايضة في مصالحها السياسية والاقتصادية مقابل العطاء وهو ما يحلو للكاتب البريطاني "غراهام هانكوك" وصفها في كتابه " سادة الفقر" بأنهم الراقصون في الأزمات والسائحون في الكوارث . على أن توثيق الأعمال الخيرية والإغاثية للمنشأة عبر الطرق الإعلامية والإعلانية الحديثة وعمل التقارير الدورية لمجالس الإدارات يتم بمراعاة جانبين اثنين: الجانب الأول: التفريق في التوثيق بين صنفين من الأعمال الخيرية: الصنف الأول: وهم الأشخاص المستفيدون من العون مباشرة كالأيتام والأرامل ومن في حكمهم، فهؤلاء يُكتفى في التوثيق بتزويد الكافل بالبيانات الشخصية الكاملة للمستفيد وتذيّيلها بالوثائق الخطية في استلام المبالغ أو صور الشيكات في حال كان العطاء دورياً من طرف الباذل، وعبر رؤية محاسبية ومؤسّسية. الصنف الثاني: المشاريع ذات الطابع المرحلي كبناء المدارس والأوقاف وحفر الآبار ففي هذه الحالات يتم التصوير لمراحل المشروع كاملة، ويُستحسن استخدام آلات التصوير التي تُظهر تاريخ الالتقاط للصورة فهو جانبٌ توثيقي مُعتبر للمانحين من جهة ولأرشفة العمل الخيري وتقيّيم الأداء المهني من جهة أخرى. الجانب الثاني: مراعاة حالة السلم والحرب من قبل الباذلين؛ فإلحاح البعض بتزويدهم بتصوير وتوثيق المعونات إبـّان الصراعات والحروب وخاصة في برامج الإغاثة العاجلة، قد يسبّب في تأخر وصول المعونات، أو يعرض العاملين والمستفيدين للخطر؛ وفي هذه الحالات يجب أن تكون الثقة هي سيدة الموقف بين الباذلين والمنشآت الخيرية. وهنا يبرز تفعيل مفهوم (الجودة الشاملة) في العمل المؤسّسي الخيري والإغاثي من خلال تظافر الجهود وتعزيز مفهوم منظومة العمل المشترك من خلال أمرين: الأول: إقامة الدورات التدريبية وورش العمل المتخصّصة لتأهيل العاملين في المجال الخيري والإغاثي للرفع بمستوياتهم العلمية والعملية، وتدريب الكوادر الإعلامية لديها على أدبيات التوثيق من خلال المنظور الشرعي بدءً من عملية التصوير وانتهاءً بالإخراج. الثاني: تشكيل (الهويّة الإعلامية) للمنشأة من خلال أهمية إبراز (الشعار) للهيئات والمؤسسات والإغاثية في التقارير المرئية والمطبوعة ولباس العاملين وصناديق المعونات. كما أن على المؤسسات الخيرية أن تسير في طريقها عبر مسارين متوازيين: المسار الأول: تعميق أواصر الثقة بينها وبين المانحين والباذلين من خلال وضوح الرؤية في المشاريع والأعمال الخيرية. المسار الثاني: بناء الشراكات والتحالفات الإقليمية مع الهيئات الخيرية الأخرى، وعبر الإسهام في تبنّي المؤتمرات والملتقيات ضمن الأطر الشرعية. ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإداري, 09-10-2021

الأجير.. حقوقه وأساس التعامل بينه وبين صاحب العمل

من حقوق الإنسان في العمل أن يعطي الأجير حقه كاملاً ويوفي ما يتفق عليه في العقود، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..) (المائدة:1) وفي البخاري: عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي، ثم غدر، ورجل باع حراً، فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً، فاستوفى منه، ولم يعطه أجره). تعليم الأجير حقه القاعدة العامة هي أن يُعطي الأجير حقه، فقد أُمرنا بأن نوفي الأجير حقه وأن نعلمه إياها، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره) ، كما أوُمرنا أن نبادر بإعطائه حقه بمجرد إنجاز العمل وفي الحديث عن أبي هريرة: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه وأعلمه أجره وهو في عمله ) . وللعامل حقه في الأمن والسلامة والضمانات الاجتماعية الأخرى، وعن المستورد بن شداد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولي لنا عملاً ولم يكن له زوجة فليتخذ زوجة ومن لم يكن له خادم فليتخذ له خادماً ومن لم يكن له مسكن فليتخذ له مسكناً ومن لم يكن له دابة فليتخذ دابة، وقال أبو بكر: أكثرت يا رسول الله، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصاب سوى بعد ذلك فهو غال) لا يكلف بما لا يطيق وعند الحديث عن حقوق الأجير، وأصول حسن معاملته، فيجب الأخذ في الاعتبار ألا يُكلف بما لا يطيق، كما لا يجوز تكليفه بما لا يطيقه أو إكراهه أو استغلاله أو الإضرار به، وللأجير أن يتقاضى أجراً عادلاً مقابل عمله دون تأخير ودون تمييز بين الذكر والأنثى، وعلى الجانب الآخر، يكون الأجير مطالباُ بالإخلاص والإتقان، وإذا اختلف مع صاحب العمل فعلى الدولة أن تتدخل لفض النزاع ورفع الظلم وإقرار الحق والإلزام بالعدل دون تحيز. |
كفالة الأجير تُعرّف الكفالة من الناحية الشرعية على أنها عقد يتبرع الكفيل بضمان مكفوله في أداء الحقوق المستحقة عليه سواء بإحضاره لأداء ما عليه من ماله تطوعاً أو بالنيابة عنه في بعض الشؤون، فلا يجوز المتاجرة فيه ولا أخذ مقابل على أدائه. وفي الأصل- أولى نظم الكفالة بالاعتبار شرعا ًهو نظام كفالة الخروج، وهو ألا يغادر المغترب البلد إلا بعد أن يوكل كفيلاً يؤدي عنه ما يطالب به من مستحقات –إن وجدت- بعد خروجه، وذاك أمر مقبول يكون فيه كفاية لا يحتاج لغيرها لحفظ حقوق الناس، وهو أيضاً يحفظ حقوق الكفلاء المحسنين الذين قد يورطهم بعض المغتربين في أعمال يقومون بإفسادها وأموال يقومون بإتلافها ثم يتوارون خلف الكفلاء لأن كل المعاملات الرسمية باسم الكفلاء. صلاحيات قد يساء استغلالها القوانين الحالية منحت الكفيل صلاحيات واسعة قد يُساء استخدامها، حتى أن البعض في حالة الخلاف يدعي -الكفيل- "هروب المكفول" ويفضح المكفول على صفحات الجرائد، وتلك جريمة تستدعي أن تبحث عنه الشرطة وإن وجدته فإنه يوضع في السجن إلى أن يفصل الكفيل في أمره فان رغب الكفيل في إبعاده خارج البلاد، أُبعد.. وهو أمر جعل الكفيل فيه الخصم والحكم معاً، ما يعرض مصالح المكفولين وحقوقهم للضياع، لذلك لا بد من النظر في حقوق المكفولين – كما يجب أيضا مراعاة الكفيل- بما يحفظ حقوقهم وكرامتهم ويمنع من التحكم بهم في شؤونهم الشخصية كقيادة السيارات أو استقدام الزوجات أو تغيير المهن. ...
أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإجتماعي, 09-10-2021

الطفل وحقوقه المادية والمعنوية وإشكالية

الطفل نبت صغير يحتاج لعناية خاصة، لينمو كشجرة نافعة، مفيدة لنفسها ولمحيطها في كل مراحلها العمرية، ومن ثم جاءت التوجيهات الإسلامية بوجوب العناية بالطفل وتحريم إيذائه، وقد قال صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وجعل الإسلام للأطفال حقوقاً على والديهم، كما لهم حقوق على المجتمع. حقوق الطفل المادية والمعنوية الإنفاق على الطفل هو حق أصيل له، حيث يجب النفقة عليه حتى يستطيع التكسب والإنفاق على نفسه، وقال تعالى (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) البقرة (233)، وهي تشمل النفقة على الطفل وعلى أمه كذلك ويقول صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت، كما يُحرم تسميته باسم يؤذيه لأن أذية المسلم محرمة، ولا يجوز تكليفه بما لا يطيقه أو إكراهه أو استغلاله أو الإضرار به. أما من ناحية تأديب الطفل وتربيته، فيجب أن تكون على طاعة الله، لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) التحريم (2)، ولما كان الولد من جملة أهل الرجل كانت الآية دليلاً على وجوب تعليم الوالد ولده وتربيته وإرشاده وحمله على الخير والطاعة له ورسوله؛ وهو من الواجبات التي تتطلب جهداً دؤوباً وعملاً متصلاً، ولن يقي المسلم نفسه من عقاب الله أن لم يربي أبناءه على طاعته تعالى، ومن ذلك أيضاً تعليم الطفل الصلاة وما يحتاجه من الآداب ، وقال صلى الله عليه وسلم :( علموا الصبي الصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ) حق الطفل في التعليم وكذلك للطفل حق على واليه في التعليم، حيث يجب على الوالد – ومن في حكمه- أن يؤدب الطفل ويعلمه ما ينفعه من أمور العلم وما ينتفع به الأعمال، فعن أبي رافع، قال: قلت: يا رسول الله، أللولد علينا حق كحقنا عليهم؟ قال: «نعم، حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي، وأن يؤدبه طيباً »، ويقاس على ذلك كل نافع من العلوم وما يصلح لامتهانه من الوظائف. حق الطفل في المحافظة على صحته أما فيما يخص حق الطفل في المحافظة على صحته، فيجب على الوالدين ومن في حكمهما أن يحافظوا على صحة الصغير، فهو أمانة لديهم، وإن من أعظم الذنوب التفريط في الأمانة وإيذائها بأي طريقة، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم فقال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك أو تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، أو تزني بحليلة جارك) فحرم قتل الصغير، وتركه للمرض مما يفضي لقتله أو إيذائه فيشمله هذا التحريم. حق المساواة بين الأبناء ويجب على الوالدين بالنسبة لطفلهما المساواة بينه وبين إخوانه فيما سبق ذكره وفي العطية والهبة، ولا فرق في هذا بين البنين والبنات، فعن النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل) لأن في عدم التسوية تأصيل للضغائن والتحاسد بين الأبناء. حق الطفل في اللعب والتدليل الأصل في الإسلام أن يأخذ الطفل حقه من العناية واللعب كما يأخذ حقه من التربية والتعليم وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضرب المثل بذلك في حياته الشريفة، فكان يترك الحسن والحسين يمتطيان ظهره في الصلاة كما في حديث عبد الله بن شداد: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسن فركب عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته قالوا: قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال: " إن ابني قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته ".رواه النسائي من رواية عبد الله بن شداد عن أبيه |وكان صلى الله عليه وسلم يأذن للسيدة عائشة رضي الله عنها – وهي صغيرة- أن تلعب مع صديقاتها، وكان لها لعب من الصوف وفرس له جناحان، وفي صحيح مسلم عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيّامِ مِنىً، تُغَنّيَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مُسَجّى بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ. فَكَشَفَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ. وَقَالَ: " دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنّهَا أَيّامُ عِيدٍ " وَقَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ. وَأَنَا جَارِيَةٌ. فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ الْحَدِيثَةِ السّنّ ومعناه: أنها تحب اللهو والتفرج والنظر إلى اللعب حباً بليغاً، وتحرص على إدامته ما أمكنها ولا تمل ذلك إلا بعذر من تطويل. والعربة -بكسر الراء- أي: المشتهية للعب المحبة له. حول تشغيل الأطفال عند الحديث حول تشغيل الأطفال، فالأصل أن يلقى الطفل في مرحلة طفولته الاستقرار في أسرته مع كثير من الرعاية، وأن ينال حظه من الراحة واللعب واللهو والتدليل، مع إتاحة فرصته الكاملة في الجلوس إلى والديه ليكتسب منهما خبرة الحياة، ومع ذلك فقد تضطر الأسرة بسبب الفقر أن تشغل الأبناء، وإنه ليثير الأسى كثيراً ما نراه في بعض وسائل الإعلام من صور يعاني فيها الأطفال من الأعمال الشاقة، لكن ومع هذه الحالة يجب منع تشغيل الأطفال فيما يشق عليهم من الأعمال، ويجب على الدول التكفل بواجبها بأن تكفي المعوزين حاجتهم. وبشكل عام، فعندما نتكلم عن تشغيل الأطفال فإننا لا نقصد بذلك المنع التام أو الإباحة المطلقة فهناك صور لا حرج فيها من تشغيل الأطفال ولذلك فإن هذا الموضوع لابد من ضبطه من عدة وجوه منها: • الحاجة إلى العمل: فقد يكون للوالدين حاجة ملحة للمساعدة في نفقات الأسرة - وبعد استنفاذ كل الوسائل المباحة - لم يكن من سبيل لديهم إلا تشغيل الأطفال وإذا كانت ثم مسؤولية تقع على الوالدين، فمسؤولية أخرى تقع على عاتق الدول لكفاية الأسرة عن تشغيل أطفالها. • القدرة على العمل: فإن لبعض الأطفال من المواهب الجسمية والنفسية ما يستطيعون معه أداء ما أسند إليهم من أعمال، لاسيما أن كانت تلك الأعمال يسيرة وغير شاقة كالبيع مثلاً. وقد يكون في بعض الأحوال لتشغيل الأطفال فوائد في تنمية قدراتهم وصقل مواهبهم، وهو ما يعود بالنفع على الطفل وعلى أسرته في المستقبل، وكثيراً ما تحرص الأسر الفقيرة والمتوسطة على تشغيل أبنائها في فترات الإجازة من الدراسة، ولعل الصبي يكفي شيئاً من نفقاته وقد يساهم ذلك في كفاية الأسرة وهو هدف مشروع، مع وضع في الاعتبار وجود هامش من التسلية والترفيه لا يُحرم منه الطفل في جميع الأحوال، وبهذا فالتشغيل للأطفال لا يجوز إلا في حال الاضطرار، وبما لا يشق على الأطفال وبما لا يسيء إليهم مع ضمان كافة حقوقهم المعنوية والمالية. ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإعلامي, 09-10-2021

العمل الإغاثيّ الطّويل.. كيف يسهم في الإبقاءِ على الفقرِ؟

بين الإغاثة الإسعافيّة والتّنمية الشّاملة، يكون التّعامل مع الأزمات الطّويلة بطريقة الإغاثة الإسعافيّة إشكالًا عميقًا في منهجيّة تعامل الجمعيّات الخيريّة، فالإسعاف العاجل هو أحد أهمّ صور العمل الخيري الذي يجبُ أن تبادر المؤسسات إلى التحضير له قبل الكوارث المتوقّعة والمرتقبة، كفصل الشتاء والعواصف الثلجيّة التي تستهدف خيام اللاجئين ومواطن مكوثهم في سنوات تهجيرهم الأولى، لا بعد عشر سنين من التهجير-فهذا مثار الكثير من إشارات الاستفهام. وقد أسّست الشريعة الإسلاميّة لهذا المعنى في مواضع كثيرة منها ما يرويه مسلم في صحيحه عن الصّحابيّ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: "بيْنَما نَحْنُ في سَفَرٍ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ رَجُلٌ علَى رَاحِلَةٍ له، قالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا زَادَ له. قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ ما ذَكَرَ حتَّى رَأَيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ". ويقوم جوهر العمل الإغاثي والخيري -في الأصل- على التَّنمية الشّاملة لا سيما في الأزمات الطّويلة، فقديماً استشعر النبي صلى الله عليه وسلّم حاجة الرّجل المنكوب دون إلجائه إلى الاستغاثة والاستصراخ، وسارع إلى إسعافه مستنفرًا الطّاقات كلّها رغم أنّه كان في سفرٍ، وعادةً ما يكون النّاس في السّفر قليلي المال وفي حاجةٍ إلى كلّ ما يحملونه منه. ويكمن جوهر العمل الإغاثي والخيري الأصيل في قيامه على التَّنمية الشّاملة، لا سيما في الأزمات الطّويلة، فقد استشعر النبي صلى الله عليه وسلّم حاجة الرّجل المنكوب دون إلجائه إلى الاستغاثة والاستصراخ، وسارع إلى إسعافه إغاثيًّا مستنفرًا الطّاقات كلّها رغم أنّه كان في سفرٍ، وعادةً ما يكون النّاس في السّفر قليلي المال وفي حاجةٍ إلى كلّ ما يحملونه منه، غير أنَّ هذا النّوع من الإسعاف الإغاثيّ ليس هو الأصل في العمل الخيريّ. ويقصد بالتنمية هنا تلك القائمة على الانتقال بمتلقّي المساعدات والمحتاجين إليها من السلبيّة إلى الإيجابيّة والفاعليّة، وبناء الفرد القادر على الاعتماد على نفسه، بعد انتشاله من أعماق الحاجة، وعدم استسهال القبول باليد السفلى الآخذة وبذلك، فإن انتهاج التّنمية يفرض على المؤسسات الخيرية في مجتمعات الأزمات الطويلة استثمار المقدرات المالية، وتحويلها إلى فرص عمل بدل توزيعها بالطريقة النمطيّة، وانتهاج التّنمية يفرض على المؤسسات الخيرية العاملة في مجتمعات الأزمات الطويلة استثمار المقدرات المالية، وتحويلها إلى فرص عمل بدل توزيعها بالطريقة النمطيّة. وهذا ما رسّخه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين قدم المدينة، وأراد الأنصار قسمة مزارع النخيل التي يملكونها مع المهاجرين. فرفضَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا التوجّه وأقرّ اقتراح الأنصار بالتحوّل إلى أسلوبٍ آخر، وهو بقاء ملكيّة مزارع النخيل لأصحابها من الأنصار على أن يقوموا بفتح أبواب العمل وتهيئةِ فُرَصِه أمام المهاجرين للعمل في هذه المزارع، على أن تكون الثمرة شراكةً بين الطرفين. فقد جاء في صحيح البخاري: "قالتِ الأنْصارُ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْسِمْ بيْنَنا وبيْنَ إخْوانِنا النَّخِيلَ، قالَ: لا، فقالوا: تَكْفُونا المَؤُونَةَ، ونَشْرَككُمْ في الثَّمَرَةِ؟ قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا". |ومن التّنمية المطلوبة -على سبيل المثال- التّوقف عن البذل المالي النمطيّ للطلّاب، واستثماره في توجيههم إلى التخصصات الدّراسيّة التي يحتاجها المجتمع لتحقيق التحرير والتغيير، لا سيما في ظلّ العشوائيّة الكبيرة عند شباب بلاد الأزمات، وغياب الموجّه الرّاشد الذي يجب أن يكون جزءًا من العمل الخيري التعليمي، فعدم التحول في العمل الخيري من الإغاثة إلى التنمية في الأزمات الطويلة له أثرين بالغي الخطورة هما: • نشر ثقافة التسوّل الخفي فعندما يعتاد النّاس استقبال المعونات الماليّة والعينيّة بشكلٍ دوريّ ولمدّةٍ طويلةٍ؛ فإنَّ هذا يسهم في نشر الخمول وصناعة الكسل وتكريس مفهوم التسوّل غير الصّريح، كون استمرار الإغاثة النمطيّة في الأزمات الطويلة على قاعدة اصطياد السمك للفقير وعدم تعليمه الصّيد يقضي على المستهدف بالمساعدة، فيتجه إلى القعود عن العمل وانتظار الإغاثة، ومن ذلك بيع المساعدات التي يتمّ تلقيها بأرخص من قيمتها وأسعارها، والذين تترسخ لديهم هذه الثقافة لا يمكنهم أن يكونوا جزءًا من البناء الذّاتي الشّخصي أو المجتمعيّ العام، فاستمرار الإغاثة النمطيّة في الأزمات الطويلة يقضي على المستهدف بالمساعدة؛ فيزيده غرقًا بدل انتشاله والنهوض به. • الإبقاء على الفقر: إنَّ الغاية من العمل الخيري ــ من حيثُ الأصل ــ هي القضاء على الفقر وإنهاء الحاجة ومظاهرها، وتحقيق عوامل الاكتفاء والاستقرار في المجتمع؛ لكنَّ الاستمرار على منهجيّة أن الجمعيّات الخيريّة مجرّد ساعي بريد بين الغنيّ والفقير؛ تجمع التبرعات وتعيدُ توزيعها؛ لا يمكن لها أن تحقّق الغاية من العمل الخيري. ومن المؤكّد أنّ الحديث عن هذه المشكلة لا يبخس مؤسسات العمل الإغاثيّ والجمعيّات الخيريّة دورَها، ولا يقلّلُ من قيمة ما تقوم به في بلاد الأزمات الطّويلة، ورسالة العمل الخيريّ تستحقُّ من المؤسسّات الخيريّة والعاملين عليها وقفاتِ مراجعةٍ ومصارحةٍ ومواجهة مع الذات، كي تتحقق الغاية من العمل الإغاثيّ في إعزاز الإنسان والحفاظ على كرامته وانتشاله من مستنقع الفقر والذلّ. ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإجتماعي, 09-10-2021

العمل الخيري مفهومه ومجالاته في التنمية

يمثل العمل الخيري قيمة إنسانية كبرى تتمثل في العطاء والبذل بكل أشكاله، فهو سلوك حضاري حي لا يمكنه النمو سوى في المجتمعات التي تنعم بمستويات متقدمة من الثقافة والوعي والمسؤولية، فهو يلعب دوراً مهماً وإيجابياً في تطوير المجتمعات وتنميتها فمن خلال المؤسسات التطوعية الخيرية يتاح لكافة الأفراد الفرصة للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة كما يساعد العمل الخيري على تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه. ولقد قامت الخدمات التطوعية الخيرية بلعب دور كبير في نهضة الكثير من الحضارات والمجتمعات ونشر الأفكار عبر العصور بصفتها عملاً خالياً من الربح العائد وليست مهنة، بل هي عمل يقوم به الأفراد لصالح المجتمع ككل ويأخذ أشكالاً متعددة بدءاً من الأعراف التقليدية للمساعدة الذاتية إلى التجاوب الاجتماعي في أوقات الشدة ومجهودات الإغاثة إلى حل النزاعات وتخفيف آثار الفقر ويشتمل المفهوم على المجهودات التطوعية المحلية والقومية وأيضاً تلك التي توجه إلى خارج الحدود. ولقد حفل التراث الإسلامي ابتداءً بتأصيل العمل الخيري عقائدياً بما ورد من آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة شواهد تعزز من قيمة العمل الخيري ومنها قوله تعالى : (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) البقرة (177) وفي هذه الآية تأكيد على اقتران العمل التطوعي بالعبادة ورضا الله سبحانه وتعالى كما أكدت ذلك الأحاديث الواردة في فضل العمل الخيري - وهي كثيرة أيضاً - ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس حببهم للخير وحبب الخير إليهم أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة ( كما جاءت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم والتابعين الذين تأسوا بهم إقداما على الخير، تطبيقاً لتلك النصوص، فالتاريخ الإسلامي يملك سجلاً حافلاً بأعمال الخير التي تعددت وتنوعت سبلها من العناية بالمحتاجين والأيتام وطلاب العلم وغيرهم إلى تقديم العون لطالبي الزواج والمدينين وشق الطرق وإقامة الاستراحات للمسافرين، وغيرها حتى امتد خيرها ليصل الحيوان. مفهوم العمل الخيري اكتسب مفهوم العمل الخيري أهمية بارزة في السياق الفكري الاجتماعي بصفة عامة وقد استمد هذا المفهوم أهميته من اتصاله بمفهوم أكثر محورية وهو مفهوم المجتمع المدني حيث تتباين وظائفه وأدواره في برامج الحركات الاجتماعية وتطور المجتمعات. فانطلاقاً من مفهوم العمل الخيري-الذي أشرنا إليه في المقدمة- بصفته عملاً خالياً من الربح والعائد، حيث يقدم المتطوع في مضمار العمل الخيري إلى تقديم الإيثار على الأنانية، والبذل على الكسب في معالجة المشكلات الحياتية للجماعات الاجتماعية، فما يقوم به الأفراد المتطوعون ويبذلونه من وقت ومال وجهد لصالح المجتمع في شتى ميادين العمل التطوعي والخيري المتعددة، لا يتوقعون له مقابلاً موازياً. العمل الخيري والعمل التطوعي ولقد كان للقيم الاجتماعية وخاصة الدينية المتجذرة والمتعمقة في المجتمع العربي الإسلامي دور أساسي في تعميق روح العمل الخيري, حيث امتاز الدين الإسلامي بأنه لا يفصل بين مساعدة الآخرين بمفهومها التطوعي وبين الصدقة بمفهومها الإسلامي ومن هنا كان العمل الخيري هو الموائمة بين الصدقة والتطوع، وهو ما نريد تأكيده هنا بتعريفنا للعمل الخيري حيث يتساءل العديدون عن الفرق بين العمل التطوعي والعمل الخيري، خصوصاً وأن مفهوم العمل الخيري وتطبيقاته في التراث الإسلامي تشتمل على كل المعاني والتطبيقات التي تورد ضمن مفهوم العمل التطوعي . التطور الاجتماعي فقد لعب المتطوعون دوراً هاماً كماً و كيفاً في رعاية و تطوير الدول الصناعية منها والنامية من خلال البرامج القومية في مجالات المساعدات الإنسانية والتعاون التقني وتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية. كما يشكل التطوع أيضاً أساساً لكثير من نشاطات المنظمات غير الحكومية ومنها الروابط الحرفية والاتحادية والمنظمات المدنية، هذا إضافة إلى كثير من المشاريع في مجالات محو الأمية والتطعيم وحماية البيئة والتي تعتمد بصورة مباشرة على المجهودات التطوعية. التنمية الشاملة وبذلك يرتبط مفهوم العمل الخيري والتطوعي بالتنمية الشاملة من خلال الكثير من تلك الأعمال والبرامج التي تستهدف الإنسان وترقى به ابتداءً بالفرد ثم الأسرة ومن ثم تمتد إلى المجتمع، تلك الحلقات الثلاث المترابطة بمجموعها ومفرداتها ينتج عنها صلاح الأسرة و صلاح الفرد وصلاح المجتمع. فحقيقة العمل الخيري وخططه يجب أن ترتبط فيما يمكن أن تحدثه من تأثيرات وتغيرات في المجتمع باتجاه التنمية الشاملة فهو ليس جهوداً تبذل وحسب لإنقاذ مصاب أو علاج مريض أو أموال تنفق لسد رمق محتاج، بل إن خطة العمل الخيري يجب أن تكون في اتجاه التنمية وفي اتجاه بناء المجتمع فردا وأسرة ومن هنا يمكن أن نضع الأعمال في سياقها الصحيح حينما نخطط للبرامج الموجهة إلى كل من الفئات، وسنعرض لذلك بموجز سريع في مجالي الفرد والأسرة حيث تفرد الورقة لمجال المجتمع جزءاً كبيراً لذلك بحسب عنوانها. تنمية الفرد ففي اتجاه الفرد حيث تقوم المنظمات والهيئات الخيرية بالعناية بالفقراء أطفالاً ونساءً ورجالاً من مختلف الفئات العمرية يجب أن تكون المساعدة في اتجاه إيجابي يؤهل ذلك الفرد بعد مضي فترة من المساعدة للاعتماد على نفسه مع مراعاة بعض الحالات الخاصة ككبار السن، فمثلاً عند تقديم المساعدة يجب أن تتجه المساعدة إلى العناية الشاملة بأولئك الأطفال بحيث تسير خطة المساعدة نحو تأهيل الطفل اليتيم للنهوض بنفسه والاعتماد على قدراته وذلك بعدم اقتصارها على توفير مبلغ من المال شهرياً أو سنويا ًحسب خطة المؤسسة، بل يجب أن يتم العمل على تطوير مفهوم الكفالة ليشمل الرعاية التربوية والصحية والتعليمية فهناك حاجة للتوعية والإرشاد والتوجيه بحيث يستفيد اليتيم وأسرته من تلك الخدمات، لينشأ اليتيم قوياً واعياً مدركاً قادراً على الاختيار والعمل، وكذلك رعاية الطالب المحتاج بحيث يوجه الطالب إلى اختيار تخصص ودراسة يمكنه الاستفادة منها شخصياً بان توفر له فرصة عمل وكذلك بان يكون التخصص في إطار حاجات المجتمع، وكذلك المرأة والرجل والمعاق يتم دراسة الحالة وعمل خطة للمساعدة بحيث ينهض ذلك الفرد بنفسه فحتى المعاق هناك من الأعمال والحرفية يمكنه بشيء من التدريب والعناية أن ينهض من خلالها بنفسه، مع الإشارة إلى أهمية برامج الإرشاد والتوجيه المصاحبة ومن هنا يأتي مفهوم التنمية. تنمية الأسرة الأسرة عماد المجتمع وبترابطها وصلاحها صلاح المجتمع فالعناية بالأسرة ركن أساسي في مسيرة العمل الخيري، مساعدة الأسرة الفقيرة يجب أن يكون من خلال تأهيلها وتنميتها بالبحث عن عناصر الإنتاج المحلية المتوافرة في محيط الأسرة وبيئتها وتنمية تلك العناصر وتحويلها إلى آلة إنتاج من خلال التدريب وتوفير وتمليك وسائل وأدوات الإنتاج القادرة على تحويل تلك الأسرة من أسرة معاله محتاجة إلى أسرة منتجة قادرة على العطاء،بالدخول إلى دورة الاقتصاد القومي لتتمكن من المساهمة في اقتصاد الدولة والمجتمع بشراء وبيع واستخدام السلع والخدمات. ولابد من التأكيد على أن الأسرة لا تحتاج فقط إلى عناصر الإنتاج والتدريب بقدر ما هي بحاجة إلى التوجيه والإرشاد، بحيث تستطيع الأسرة التكيف وتطوير إمكاناتها وقدراتها في إدارة شؤونها الأسرية الخاصة كالعناية بالأفراد وبخاصة الأطفال والفتيان من شباب وشابات من النواحي التربوية والتعليمية والصحية، وإدارة آلة الإنتاج التي تم توفيرها لها وحسن التصرف بالعائد وأساليب إنفاقه السليمة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة من البرامج والدورات التأهيلية والتدريبية والزيارات الإرشادية الدورية للباحثات الاجتماعيات . دور العمل الخيري في تنمية المجتمعات لاشك أن هناك علاقة جدلية بين التنمية ومدى نجاحها في المجتمع والعمل التطوعي، حيث تشير الشواهد الواقعية والتاريخية إلى أن التنمية تنبع من الإنسان الذي يعتبر وسيلتها الأساسية، كما أنها تهدف في الوقت ذاته إلى الارتقاء به في جميع الميادين الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية، ومن المسلمات أن التنمية تقوم على الجهد البشري وهو ما يستلزم بالإضافة إلى الخطط الواضحة والمحددة وجود الإنسان الواعي القادرعلى المشاركة في عمليات التنمية. |الاستفادة من الموارد البشرية ومن هنا يأتي دور العمل الخيري في التنمية بالاستفادة من الموارد البشرية، حيث يلعب العمل الخيري دوراً إيجابياً في إتاحة الفرصة لكافة أفراد المجتمع للمساهمة في عمليات البناء الاجتماعي والاقتصادي اللازمة في كل زمان ومكان ويساعد العمل التطوعي على تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى المشاركين ويشعرهم بقدرتهم على العطاء وتقديم الخبرة والنصيحة في المجال الذي يتميزون فيه. وفي محاولة لفهم أهمية العمل الخيري ودوره في تنمية المجتمع، يقودنا في ذلك فهم بعض مما تدعوا له النظريات الاقتصادية الحديثة يمكننا فهم دور وأهمية العمل الخيري، حيث تفترض النظريات الاقتصادية أن الهدف يجب أن يكون زيادة الإنتاج من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والتي تشمل الأرض والقوى العاملة ورأس المال والتنظيم والاستثمار، وهي الأساس لإنتاج أية سلعة أو خدمة في أي نظام اقتصادي، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال تحديد الأولويات وإعداد قائمة بالسلع والخدمات الأكثر أهمية والتي لا يمكن الاستغناء عنها، وهذا يتطلب تخفيض تكاليف الإنتاج. الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وبلا شك أن العمل التطوعي يساهم بشكل مباشر في تحقيق تلك الأهداف فهو يساهم بتخفيف تكاليف الإنتاج ويساعد على تحقيق الهدف المنشود وهو زيادة الإنتاج، ومع تزايد الحاجات من سلع وخدمات من قبل أفراد المجتمع وصعوبة الحصول عليها في كثير من الأحيان فانه يصبح من الأهمية بمكان الاعتماد على جهود المتطوعين لتوفير جزء من هذه الاحتياجات . ولا يخفى أن هناك طاقات مهدورة وغير مستخدمة في كثير من المجتمعات لذلك فإن العمل الخيري يجمع هذه الطاقات ويسخرها لخدمة البناء والتنمية الاقتصادية من خلال المؤسسات والمنظمات والهيئات الخيرية، وحتى يتم ترسيخ مفهوم العمل التطوعي لابد من الحث عليه بين جميع الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة وخلق المناخ الملائم لتشجيع كل الأفراد للعطاء والإبداع وهذا يتطلب تخصيص إدارة عامة متخصصة لتحديد المجالات التي يمكن من خلالها التطوع والإبداع وخلق الحوافز المادية والمعنوية لرفع نسبة المتطوعين في شتى المجالات. إن أغلب الدول المتقدمة تولي أهمية خاصة لهذه العلاقة الوثيقة بين العمل التطوعي والقدرة على زيادة فعالية الموارد الاقتصادية لهذا فإنه يتم الاعتماد بشكل متزايد على العمل التطوعي من خلال استحداث قسم في أغلب المؤسسات والمنظمات يسعى إلى جذب الكفاءات المتعددة لتساهم بأوقات محددة بشكل تطوعي والاستفادة من خبراتهم خلال أوقات فراغهم وهناك العديد من المجالات والأنشطة التي يمكن للمتطوعين المساهمة فيها مما يزيد من معدل الرفاهية للجميع. تطبيقات إسلامية ولابد للإشارة هنا إلى أن التاريخ الإسلامي - تطبيقاً لما أشرنا إليه من نصوص عقائدية وردت في القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم - حفل بمثل تلك المفاهيم، فالأنصار والمهاجرون أعظم تطبيقات التكافل الاجتماعي القائم على العمل التطوعي والخيري، وحتى كتاب الوحي الذي كانوا يمارسون دورهم في توثيق آيات القرآن الكريم الذي يمثل أهم ركن في عقيدة المسلمين فهو منهاج حياتهم ودستور دولتهم . وكذلك كان بناء المسجد النبوي الشريف وحفر الخندق وغيرها من الأعمال التطوعية التي كان يتسابق لها المسلمون، فالتعليم وكفالة اليتيم ورعاية العجوز والأرملة ورعاية طالب العلم وسقيا الماء وما كان ينتدب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من أعمال خيرية نذكر منها دعوته صلى الله علي وسلم لشراء بئر ماء احتاج المسلمون إليه منعه عنهم صاحبه، وغيرها الكثير ومما كان يبتدر به أيضاً أصحاب الخير رغبة في الأجر والثواب ونفع الناس. النتائج المتوقعة من مساهمة العمل الخيري في تنمية المجتمع ومما سبق فإن المجالات والأنشطة التي يمكن للعمل الخيري أن يسهم من خلالها في تنمية المجتمع وخاصة تلك القائمة على إسهامات ومشاركات الأفراد كثيرة ومتعددة، وتتمكن المشاركات والمساهمات من تحقيق مجموعة من الأهداف التي نوجز بعضها فيما يلي : تحديد أولويات التنمية تعمل الجمعيات والهيئات والمؤسسات الخيرية بالتعاون والتفاعل مع المؤسسات الحكومية لتؤدي دوراً أساسياً في تحديد الأولويات والتحديات في المشاريع التنموية لما تتمتع به هذه المؤسسات من خصوصية تتمثل في علاقتها بالفئات المستهدفة وقربها بل واندماجها في بعض الأحيان مع تلك الفئات، وتتيح تلك العلاقة بين المؤسسات الخيرية ومختلف فئات المجتمع رؤية أوضح وأعمق لاحتياجاته الملحة وللمشاكل والمعوقات التي يمكن أن تصادف المشاريع التنموية ويمكنها نقل صورة أكثر وضوحاً ومصداقية إلى الجهات المعنية بصنع القرار. تخفيض كلفة الإنتاج وتخفيض النفقات الحكومية كما يسهم العمل الخيري من جهة أخرى في الاقتصاد والناتج القومي للدولة حيث تعمل المؤسسات الخيرية من خلال برامجها وأنشطتها في مجالات خدمة المجتمع على المساهمة في تخفيض تكاليف إنتاج السلع والخدمات ,فإذا ما تم الاعتماد في تنفيذ عدد من البرامج وخاصة الخدمية منها في بعض القضايا كالتنظيم أو الإدارة أو القوى العاملة أو حتى رأس المال على العمل الخيري فان ذلك بلا شك سيؤدي إلى خفض التكاليف وتحقيق فوائد لأفراد المجتمع بتحقيق انخفاض في الأسعار،يحقق ذلك تقليصا للإنفاق الحكومي مما سيساعد الحكومات على توسيع الخدمات التي تقدمها لأفراد المجتمع خاصة في ظل اتجاهات الدول إلى خصخصة الخدمات . المساهمة في زيادة الناتج القومي من خلال إسهامات المؤسسات الخيرية في تأهيل الأسر والأفراد ونقلهم إلى دائرة الإنتاج والمقدرة على العطاء، تعمل على إتاحة الفرصة لهم بالدخول إلى دورة الاقتصاد القومي لتتمكن من المساهمة في اقتصاد الدولة والمجتمع بشراء وبيع واستخدام السلع والخدمات مما يساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الثقافي, 09-10-2021

النفس الإنسانية
 

خلق الله تعالى الإنسان وكرمه على غيره من المخلوقات وفضله على كثيرٍ ممن خلق، فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا (70)} الإسراء. إعلان المساواة وجاء الإعلان القرآني للناس جميعاً بتساويهم عند الله، فلا فضلٍ لإنسان على غيره عند الله وفي شرعه إلا بتقواه، فلا ينفع عند الله مال ولا قوة ولا نسب إن خلت من طاعة أو تكبر صاحبها على غيره من البشر، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} الحجرات. تكريم النفس والنفس الإنسانية مصونة مكرمة لا يجوز الاعتداء عليها بغير حق أو الإساءة إليها بحال؛ كتهديدها، أو استغلالها، أو اختطافها، أو استضعافها، فقال الله عز وجل: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32. وقال العلماء: أن قتل نفس محرمة بغير نفس أو فساد في الأرض قتل للناس جميعًا- أي في الإثم -، وإحياؤها – أي التسبب في إنقاذها - إحياء للناس جميعًا. وفي العصر الحالي، فاقت انتهاكات الحقوق الحد، فالإنسان المعاصر -لاسيما الغربي- اعتاد القتل بالجملة، واخترع قنابل ومعدات إبادة كالقنابل النووية والعنقودية، واعتاد الاعتداء على البشر وانتهاك حقوق الأطفال وخطفهم من بلادهم وتشغيلهم من قبل شركات عالمية بأقل الأجور، وبهذا ظهرت "مافيات" الاتجار بالأعضاء، "ومافيات" دعارة النساء، والاعتداء الجنسي على الأطفال، وكلها مشكلات لم يعاني منها المجتمع المسلم - على تفريطه- وذلك للخلفية الفكرية المستمدة من الإسلام الذي كرم الإنسان وأمر بالرحمة بالبشر. | ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإغاثي, 09-10-2021

بين الوقف والتنمية والإعلام
 

هناك علاقة بين تلك العناصر الثلاثة "الوقف والتنمية والإعلام"، فمثلاً الوقف يعتبر مصدراً للدخل المالي الثابت وهو بالنسبة لقضايا التنمية والنهوض بالمجتمعات وتنمية قدرات أفراده يعتبر مصدراً مهماً وأساسياً وثابتاً لتمويل تلك الأنشطة على تنوعها وتوفير احتياجاتها المهمة؛ لتحقيق أهداف كبرى للفرد والمجتمع على السواء. ونظراً لأن مواضيع التنمية من الأهداف الكبرى للمجتمعات والتي قد لا تجد داعماً من الوسائل الإعلامية بشكل يتناسب مع الحاجة إليها فإن الحاجة إلى استحداث ودعم وسائل وبرامج إعلامية تبدو ماسة في ظل تغول الإعلام الخاص الذي يسعى للربح بصورة أقرب للجشع دون القيام بدور حقيقي يتناسب والمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه. ويمكن للوقف أن ينفق على وسائل إعلامية تتبنى تلك الرسائل، نظراً لأهمية انتشار الأفكار عبرها لتنوعها واتساع رقعة تغطيتها وقوة تأثيرها فتقوم هي الأخرى على التسويق للأفكار التنموية وتشجيع الجمهورعلى توفية متطلباتها مع القيام بجميع ما يدعم الأمورالإعلامية ومتطلبات تنويع الرسالة حين تقدم ودعم البرامج التنموية التي تقدم بشكل إبداعي ومتنوع وجذابة للجمهور؛ وأيضاً القيام بعمليات إنشاء وتطوير قدرات الإعلاميين. وسوف نفصل ما أجملناه بدءً بالتعريف ومروراً باقتراحات وثم ختاماً نقدم رصداً لأمثلة من جهود قائمة: أولا التعريفات: تعريف الوقف: من تعاريفه الموجزة الجامعة، ما ذكره ابن قدامة في كتابه المغني، حيث قال في تعريفه للوقف: (تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة)، أخذاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها). قال الشيخ محمد أبو زهرة: أجمع تعريف لمعاني الوقف عند الذين أجازوه أنه حبس العين وتسبيل ثمرتها، أو حبس عين للتصدق بمنفعتها. وقوام هذا التعريف هو: حبس العين، التي لا يتصرف فيها بالبيع، أو الرهن، أو الهبة، ولا تنتقل بالميراث، أما المنفعة أو الغلّة فإنها تصرف لجهات الوقف على مقتضى شروط الواقفين. حكمة مشروعية الوقف: يعد الوقف نوعاً من أنواع الصدقات التي يقصد بها التقرب إلى الله تعالى وهو من الأعمال التي حث الشرع الكريم عليها ونادى بها لتحقيق مصالح العباد في دينهم ودنياهم، فهي بنيت على أصل عظيم وهو جلب المصالح. فمفهوم الوقف أن عيناً ثابتة تدر دخلاً يمكن إنفاقه على أهداف مفيدة للمجتمع من أجل دعمه دينياً وفكرياً وثقافياً ومن أجل النفقة على أصحاب الحاجة من الفقراء والمساكين والمرضى. تعريف التنمية لغةً: هي النمو وارتفاع الشيء من مكانه إلى مكان آخر. أما تعريفها اصطلاحاً: تعنى تحقيق زيادة سريعة تراكميّة ودائمة - فى فترة من الزمن - في الإنتاج والخدمات نتيجة استخدام الجهود العلميّة لتنظيم الأنشطة المشتركة الحكوميّة والشعبية. أشكال التنمية: هناك التنمية الشاملة، والمتكاملة، والتنمية في أحد الميادين الرئيسية، مثل: الميدان الاقتصادي، أو السياسي، أو الاجتماعي أو الميادين الفرعية؛ كالتنمية الصناعيّة، أو التنمية الزراعية، ويمكن القول أنَ التنمية هي عملية تغيير اجتماعي مخطّط يقوم بها الإنسان للانتقال بالمجتمع إلى وضع أفضل بما يتوافق مع احتياجاته وإمكانيّاته الاقتصادية والاجتماعية والفكريّة. إنّ التنمية هي العمليّة التي تؤدى لزيادة فرص حياة بعض الناس في مجتمع ما، دون نقصان فرص حياة بعضهم الآخر فى الوقت نفسه والمجتمع نفسه، وهي زيادة محسوسة في الإنتاج والخدمات شاملة ومتكاملة ومرتبطة بحركة المجتمع تأثيراً وتأثراً، مستخدمةً الأساليب العلمية الحديثة في التكنولوجيا والتنظيم والإدارة. أما عن تعريف التنمية عند هيئة الأمم المتحدة: هناك تعريف اصطلحت عليه هيئة الأمم المتحدة عام 1956 ينصّ على أنّ التنمية هى العمليات التي بمقتضاها تُوجّه الجهود لكلٍّ من الأهالي والحكومة بتحسين الأحوال الاقتصاديّة والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحليّة؛ لمساعدتها على الاندماج في حياة الأمم والإسهام في تقدّمها بأفضل ما يمكن. أما تعريف الإعلام: فهو لغة إبلاغ المخاطب أمراً. واصطلاحاً: رسالة علنية موضوعية مقصودة وغير ربحية. فمعنى كونها رسالة أن لها أهدافاً فكرية تريد توصيلها صيغت بناءً على معلومات ومنقولات وتحليلات، ولذا فمن عناصر توصيل تلك الرسالة أنها لها مرسل كما تستهدف من يستقبلها من الجمهورالمستهدف ومعنى العلنية أنها ضد السرية فهي رسالة تريد الوصول لأكبرعدد ممكن من الشرائح المستهدفة لذا تستخدم وسائل الاتصال الجماهيرية كالوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية سواء كانت تقليدية أو إلكترونية، ومعنى موضوعية أنها تنقل الحقائق بعيداً عن التحيز أو المبالغات أو التزييف والكذب فهي دوماً تبحث عن المصداقية لدى متابعيها لتنقل لهم الحقائق الصادقة وتوضح لهم الصور كاملةً. ومقصودة تعنى أن المستهدف منها ليس من صنعها وإنما جمهورها، ومن معاني "مقصودة" هنا ما يتطلبه الإرسال من جهود فكرية وفنية ومالية وما يتبع ذلك من نقد وتغذية راجعة واختيار الوسيلة لتصل الرسالة بأفضل سبيل، ومعنى كونها "غير ربحية" أن الوسيلة أو المؤسسة الإعلامية لا تتربح من الرسائل التي تبثها لأن معنى ذلك تزييف الحقائق وتشويش الوعي وإنما تتربح الوسيلة الإعلامية ببث إعلانات في مساحات أو أوقات منفصلة عن الرسالة الإعلامية لذا يجب فصل المادة الإعلانية عن الرسائل الإعلامية ولكل من الرسالتين معالم وضوابط فنية ومواثيق شرف. ولكن هل هذا التعريف يأتي متسقاً مع الواقع؟ أم أن الرسائل التي تبث عبر الوسائل الإعلامية هى وسائل لتمرير معلومات غير موضوعية، بل ومزورة ومضللة سواء في منطقتنا العربية والإسلامية أو في غيرها وبكل لغات العالم؟ الحق أن أغلب ما يبث من رسائل هي رسائل غير موضوعية، بل وغير هادفة أو أخلاقية وتقصد الجهات المرسلة لها تمرير مفاهيم مغلوطة ورسائل دعائية وفقاً لأغراضها التي استغلت تلك الوسائل، ومن هنا يأتي دور الجهات التي تحمل رسائل هادفة والتي تريد بناء شخصية الإنسان وتنمية قدراته لتواجه هذا التحدي وهو مواجهة ضلالاته وشبهاته. المصارف الوقفية من المهم معرفة أن الأوقاف في الثقافة الإسلامية ذات تنوع كبير لأن المقصد منها أمران، الأول: إرضاء الله تعالى بعمل متعد نفعه لصاحبه فيبقى له الأجر بعد الوفاة والثاني: أن ينتفع المجتمع بهذا الوقف وريعه المستمر لينفق على الأعمال المهمة التي ترضي الله تعالى وترفع من شأن المجتمع وتسد ثغرة فيه تتمثل في وجود مشاريع لا تتمكن من الإنفاق ذاتيا على نفسها ومن ثم تحتاج دعماً خيرياً ثابتاً يغطي العجز الجزئي أو الكلي ليستمر عطاؤها وتثمر نتاجها خيراً وتقدماً ووعياً ونهوضاً وسداً لحاجات ذوي الحاجة. |حاجة الوقف للإعلام: في ضوء ما سبق الإشارة إليه من أن الوقف يسد حاجة المجتمعات فيما لا يقدر بذاته أن يقيم نفسه أو تلك الأعمال التي لو تركت للتربح الخالص فإن تلك الخدمات ترتفع قيمتها بما يشق على الناس الاستفادة منها، فهنا برزت حاجة الوقف للإعلام، هذا الإعلام الذي للدقة نقصد به استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية بهدف التأثير وإيصال رسائل للمجتمعات. هذا الإعلام رسالته مهمة جداً ويجب أن يفرغ له من الأموال والخبرات الكثير والكثير بما يتناسب مع تأثيره وتخطيه للحواجز الجغرافية ووصوله لكافة الأماكن إما مسموعاً، أو مقروءً أو مرئياً أو من خلال أجهزة كمبيوتر أو هواتف ذكية حتى يؤدي رسالته أداءً جيداً مستمراً لا يعوقه توقف دعم أو تحكم جهة أو نضوب مدخولات الإعلانات، وما يتطلبه ذلك من إعداد كوادر قوية تقوم بهذا الدور وسوف نلحظ أن ثمة عناية سابقة لسلف الأمة بما يمكن إطلاق صفة الإعلام عليه، حيث إن كل مؤسسة تسعى لطباعة كتب ونشرها هي مؤسسة إعلامية، وهو ما اعتنى به سلفنا الصالح عناية كبيرة من حيث مبدأ النشر من جهة ومن حيث مضمون النشر للعلم النافع الذي ينهض بالأمم من جهة أخرى، فالإعلام سلاح ذو حدين يمكن استخدامه للخير ويمكن أيضاً استخدامه في نشر الفواحش وتزيين الباطل وتزييف الوعي. ولا يخفى استخدام أهل الباطل لهذا النوع الأخير واعتباره من عوامل القوة التي يطلق عليها " القوة الناعمة "، وعلناً نشير إلى كتاب يحمل نفس المصطلح ويشير إلى معانٍ مما نود الإشارة إليه وهو كتاب " القوة الناعمة": وسيلة النجاح في السياسة الدولية-هو كتاب من تأليف جوزيف ناي الذي كان مساعداً لوزير الدفاع في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس المخابرات الوطني، قسم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول حاول خلالها التفصيل في مفهوم القوة الناعمة التي تعمل جنباً إلى جنب مع القوة الصلبة " العسكرية " لتقوية مصالح أمريكا في كل أرجاء العالم. ويؤكد الكاتب أن بعض الدول الصغيرة أصبحت ذات تأثير كبير ومنها قطر التي تعتبر الجزيرة حسب الكاتب مصدر قوتها الناعمة، حيث عرضت القناة خلال الحرب الأمريكية ضد العراق صوراً لضحايا مدنيين استفزت مشاعر الناس. كما يؤكد أن مصدر قوة أمريكا ليس هو الجيش فقط وإنما مجموعة من الدواعم لهذه القوة فعلى سبيل المثال تجتذب الولايات المتحدة أكبر نسبة للمهاجرين، والطلبة الدارسون منهم سيحملون الكثير من القيم والمبادئ الأمريكية، ويمكن أن يكونوا سفراء للثقافة الأمريكية ويحتلون في دولهم مراكز القرار، كما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في الفوز بجوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، ومبيعاتها من المؤلفات الموسيقية تشكل الضعف مقارنةً مع اليابان التي تحتل المرتبة الثانية، وتعتبر أمريكا أكبر مصدر للأفلام والبرامج التلفزيونية في العالم، رغم أن بوليوود الهندية تنتج أفلاما أكثر منها في كل عام. ويوضح أن حسم الصراعات بالقوة العسكرية وحدها أصبح أمراً من الماضي خاصة وأن الانفتاح وقوة وسائل الاتصال والبرمجيات قد تشكل عائقاً كلما حاولت الولايات المتحدة شن حرب جديدة، ويدعو إلى اعتماد استراتيجية القوة الناعمة لضمان حلفاء ليس من الحكام فقط، بل من شعوب المناطق التي تريد أمريكا فرض سيطرتها عليها بشكل ما. والمتتبع لسلوك معظم وسائل الإعلام – خاصة التلفزيوني وهو أكثرها تأثيرًا – حول العالم يشعر كما لو أنها تخوض حربًا ضد كل ما هو جادّ أو علميّ لصالح ساعات طويلة من برامج الترفيه والمرح بمختلف أشكالها، ومع الوقت صار هذا هو السمت العام لوسائل الإعلام الجماهيرية وصار الإعلام الجاد مع الوقت أكثر نخبوية بمعنى كونه صار أكثر تخصصًا "فضائيات علمية – تاريخية – وثائقية – دينية" لا تجتذب إلا نسبة قليلة من المشاهدين الذين يتركز أغلبهم حول الفضائيات التقليدية التي صارت أشبه بساحات لللهو والترفيه. الأمر يحتاج نظرة أكثر جدية، فرغم ارتفاع نسبة المتعلمين والأكاديميين حول العالم بشكل ملحوظ إلا أن قابلية الناس للانخداع حتى فيما يتعلق بأبسط الحقائق ترتفع بشكل مخيف بما يدل أن وسائل الإعلام ربما ساهمت في الارتقاء بالمستوى البحثي أو الأكاديمي إلا أنه ربما يكون قد صاحبها تناقص حاد في القدرات العقلية التقليدية؛ حيث صار الناس أكثر قابلية للخداع بشكل كبير. إن هدف كثير من وسائل الإعلام المضللة هو إبقاء الجماهير في حالة من الجهل والدونية، وهذا يعتمد إبقاء الرأي العام على مستوى معين من الجهل حتى يتمكن النظام السلطوي من إحكام سيطرته، وهذا يتطلب عادة تشجيع الجمهور على استساغة اليأس والخمول بحيث وصل الأمر بالكثير من الشباب المصري بالتفكير في الهجرة واليأس من تحقيق طموحاته في مصر، وساهم الإعلام بشكل كبير في ترسيخ ذلك الشعور ببث جو من الإحباط والاستسلام للأمر الواقع. وتعمل على إحداث استجابة فورية لدى "مجموعة" من المستفيدين بأفكارها وخططها من خلال سيطرتها على تكنولوجيا الإعلام، حيث نجحت في تغيير فكر هؤلاء الذيول في محاولة لتطويع العقل العربي في المنطقة لصالحها، والزيادة والقابلية للتكيف مع بيئة الصراع الحالية؛ من أجل السيطرة على البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعملت بالذات على "بعض جماعات العمل السياسي" لإجراء غسل دماغ كي تتبنى اتجاهات متطابقة مع رؤيتها، تحت ذريعة ثقافة العولمة والعلمانية، وهذا ما نلاحظه في تبني البعض للأفكار المستوردة والغربية على الثقافة العربية، فهؤلاء يعيثون في الأرض فساداً لا قيم لهم، فهم لا يؤمنون لا بالقومية ولا بالإسلامية ولا بالوطنية "رغم حديثهم الدائم عن هذه القيم "، وهدفهم الوحيد إرضاء أسيادهم والوصول لتحقيق غاياتهم "والحفاظ على السلطة والمكاسب" بأي وسيلة كانت وبكل الطرق ولوعن طريق القتل والدمار وعلى حساب المتاجرة بتراب الأوطان ودماء ساكنيها. لذلك فان الصراع مع الكيان الصهيوني في السيطرة على المنطقة العربية لم ينته، بل هو مستمر بأشكال متنوعة وهدفه واحد هو العداء المطلق للعرب والفلسطينيين وانهاك قوتهم وتدمير جيوشهم وخلق الفتن والصراعات بينهم، وللأسف استطاعت هذه السياسة بدعم من عملائها - مهما كانت تسميتهم وشعاراتهم - فصل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي، بحيث أصبحت لا تمثل شيئاً، وانتهت القضية الفلسطينية بالنسبة لهم كقضية مركزية للأمة العربية. على ذلك نجد أن من الأساليب التي اتبعها الإعلام الغربي لكسب الرأي العام وتبعه في ذلك قسم من الإعلام العربي إخفاء بعض الحقائق والتركيز على وجه واحد للقضية بدل مناقشة وجهتي النظر المتعلقتين بها. إن الإعلام الغربي حقيقة ضخمة، كبيرة في حياتنا السياسية والثقافية ولن تنفع محاولات التقليل من شأنه وقدرته على الإساءة إلينا.. انه قوة هائلة لا قبل لنا بها، عريقة في النشوء، مذهلة في التطور، كاسحة في التأثير تغطي القارات الخمس بلا منازع لتزرع في أذهان الشعوب ما تشاء من الصور، وتدفع بهم إلى ما تشاء من المواقف، لا تبالي فيما تتناوله من أحداث العالم بالعرض والتحليل إلا ما تراه ـ خطأ أم صواباً ـ معبراً عن قناعتها. فشعوب العالم، في معظم الأحوال، لا تعرف عنا وعن قضايانا إلا من خلال ما تتلقاه من الإعلام الغربي، والعرب لا يملكون من الصحافة والفضائيات إلا ما كان عربياً يتدافع نحوه المعلقون العرب كأن العالم يرصد أقوالهم ليقف على الحقيقة من قضايانا، والحال هو أن وسائل إعلامنا على ضعف حالها، وانغلاقها على نفسها، وعجزها عن الانطلاق عالمياً قد أصبح بعضها مجالا للمزايدات وحرب المواقف والتضليل. ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإجتماعي, 09-10-2021

تحريم البغاء وصون كرامة المرأة
 

الإسلام عندما تكلم عن المرأة ذكرها بكل تشريف وأوصى بها وبيّن أن إكرامها طاعةَ لله تعالى ولعل أحد أسباب ذلك هي معالجة النفوس التي نشأت على الازدراء بالمرأة وامتهانها، فأخذ الإسلام بيد المرأة وأعادها إلى موضعها البشري اللائق بها بعد أن كانت تعاني من الاضطهاد والظلم والنظر إليها على أنها متاع، وزرع الأمل في نفسها بحياة طيبة ومستقبل واعد، وجاءت آيات القرآن متحدثة عن المرأة ومكرمة لها ومبينة أنها في التكاليف الشرعية كالرجل وكذا في الأجر والثواب الأخروي. وبهذا تكون المرأة مساوية للرجل ولها حقوق مثل ما عليها من واجبات، حيث قال تعالى :(.. وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة: من الآية228)، وأمر القرآن بحسن عشرة النساء والإحسان إليهن، ويتضح ذلك في قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً) النساء (19). وللمرأة شخصيتها المدنية، وذمتها المالية المستقلة، وحق الاحتفاظ باسمها ونسبها، وإنما فضل بعض الرجال على بعض النساء في الميراث نظراً لما يقع على الرجل من عبء الإنفاق على الأسرة ومسؤولية رعايتها، وهنا تختلف الحضارة الإسلامية عن غيرها التي لا تلزم الرجال بالإنفاق على النساء، بل عليها هناك عبء مسئوليتها؛ وفي المقابل فقد حث الإسلام على البر بالنساء لاسيما الأم والبنات والأخوات. واعتنى الإسلام بحقوق المرأة عناية كبيرة، واهتم بإكرامها فبين أن الرجل يجب أن يقدر مشاعرها واختلاف طباعها عنه فقال صلى الله عليه وسلم (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضى منها آخر) . وأمر بحسن صحبتها وهذا من محاسن الأخلاق، حيث قال صلى الله عليه وسلم (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم لنسائهم خلقاً) ، كما بين حقوقها من السكنى والنفقة والتقدير المعنوي، وفي الحديث عن معاوية بن حيدة القشيري "أن سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما حق المرأة على الزوج؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا كسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت". ودلالةً على أن الإسلام اهتم بالمرأة في جميع مراحل حياتها، بين أيضاً حقوقها حتى وهي طفلة، فقال  (من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة) ، وقال  (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها (يعني الذكور) أدخله الله الجنة) . أما عند نضوجها وفي حالة عدم الزواج، أخبر الشرع بأن المرأة لو صارت عانساً أو طلقت فإنها لا تزال في كنف أبيها ورعايته قال  (ألا أدلكم على أفضل الصدقة؟ ابنتك مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك) |وعلى ذلك – وحفاظاً على حقوق المرأة- فإنه لا يجوز إيذاء النساء بأي نوع من أنواع الإساءة المادية ولا المعنوية؛ فلا يؤخذ من مالها إلا برضاها حتى من قبل والديها، فمهما كان مالها كثيراً فلا يجوز انتزاعه منها بالكلية ولا يؤخذ شيء منه بغير رضاها التام؛ وتعطى المرأة حقها وتوفى أجرها في حال قيامها بعمل ولا تمنع من التصرف في مالها، ولا تكره على زواج، ولا على غيره من الممارسات الفاحشة بطبيعة الحال وإلا وقع فاعل ذلك تحت طائلة المحاسبة في الدنيا والعقاب في الآخرة. وفي الأساس، جاء الإسلام بعز للبشرية وتكريم للإنسانية، فأرسى دعائم الأسرة وحمل كل فرد فيها مسئوليته وحمى الأسرة من الانحراف فأمر بالعفة وطالب بتشجيع الزواج وتيسيره، وأرسى تحريم الزنا فالإسلام نظام متكامل، وهو لا يفرض العفة إلا وقد هيأ لها أسبابها. وهنا ورد تحريم البغاء ضمنياً بتحريم الزنا وتحريم الظلم ونصاً في قوله تعالى في سورة النور { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }، وكان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة، أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كلّ وقت، فلما جاء الإسلام، نهى الله المسلمين عن الوقوع في هذا الانحطاط في الزنا والإكراه معاً، ونهى الذين يكرهون فتياتهم على هذا المنكر، ووبخهم على ابتغاء عرض الحياة الدنيا من هذا الوجه الخبيث، ووعد المكرهات بالمغفرة والرحمة، بعد الإكراه الذي لا يد لهن فيه وأن الله تعالى لا يرضى عن ذلك وأنه سبحانه سيغفر لهن ما أكرهن عليه. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً عن مهر البَغيّ، فالبغاء محرم بكل أنواعه بالرضا أو بالإكراه وقد عمل الإسلام على إزالته بإزالة أسبابه. وانطلاقاً من مبادئ الإسلام السامية، واهتمامه بكرامة وعزة النفس البشرية، وحماية حقوق ومستضعفين المسلمين في الإسلام، يبقى ديننا الحنيف هو مرجع المسلمين الأصلي، لثقتنا أنه جاء من عند الله الرحيم خالق البشر بينما قد يكون في المواثيق البشرية ميل أو انحراف ويمكن قياس حقوق كل شخص مستضعف على من ذكرنا من الأطفال والعمال والنساء نسأل الله تعالى أن يكون ذلك في مجال عملنا وتطبيقنا. ... أقرأ التفاصيل
image
القطاع الإجتماعي, 09-10-2021

لا تخذلوا المظلومين
 

يحرم خذلان المظلوم وأنت تقدر على نصرته فعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ ) جواز التشكي من الظلم ولئن كانت تلك الأحاديث تشير إلى الوجوب الشرعي وإلى أن نصر المظلومين وإعانتهم من مكارم الأخلاق فإن هناك أدلة أخرى تدل على جواز الشكاية ممن ظلم وأذى ومن ثم إنزال العقوبة به من قبل المسؤولين. ومن ذلك ما ورد في الحديث الصحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ) قَالَ وَكِيعٌ: عِرْضُهُ شِكَايَتُهُ وَعُقُوبَتُهُ حَبْسُهُ . |... أقرأ التفاصيل